وقال بعضُهم: بل كان طعامُه سَلَّةَ عنبٍ وسلةَ تينٍ، وشرابُه زِقًّا مِن عصيرٍ.
وقال آخَرون: بل كان طعامُه سلةَ تينٍ، وشرابُه دَنَّ خمرٍ أو زُكرةَ خمرٍ.
وقد ذكَرنا فيما مضَى قولَ بعضِهم في ذلك، ونَذْكُرُ ما فيه فيما يُسْتَقْبَلُ إِن شاء اللَّهُ.
وفي قولِه: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ وجْهانِ مِن القراءةِ: أحدُهما، (لم يَتَسَنَّ). بحذفِ الهاءِ في الوصلِ وإثباتِها في الوقفِ (١)، ومَن قرَأه كذلك فإنه يَجْعَلُ الهاءَ في ﴿يَتَسَنَّهْ﴾ زائدةً صِلةً، كقولِه: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]. وجعَل "تَفعَّلْتُ"(٢) منه: تَسَنَّيتُ تسنِّيًا. واعتلَّ في ذلك بأنّ السَّنَةَ تُجْمَعُ سنواتٍ، فيكونُ تَفَعَّلْتُ على صحَّةٍ (٣)، ومن قال في السَّنِة: سُنينةٌ. فجائزٌ على ذلك وإن كان قليلًا، أن يَكُونَ "تَسنَّيْتُ"(٤)"تَفَعَّلْتُ"؛ بُدِّلَتِ النونُ ياءً لمّا كثُرت النوناتُ، كما قالُوا: تَظَنَّيتُ وأصلُه الظنُّ.
وقد قال قومٌ: هو مأخوذٌ مِن قولِه: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦، ٢٨، ٣٣]. وهو المتغيرُ. وذلك أيضًا إذا كان كذلك، فهو أيضًا مما بُدِّلَتْ نونُه ياءً وهى قراءةُ عامةِ قَرَأةِ الكوفةِ.
(١) ينظر ما تقدم في ص ٥٩٥. (٢) في النسخ: "فعلت". (٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "سحه"، وفي م: "نهجه". (٤) في م: "تسننت".