رَوْقٍ، عن الضَّحّاكِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عباسٍ قال: إن أولَ ما نزَل به جبريلُ على محمدٍ ﷺ، قال: يا محمدُ، قُلْ: أسْتَعِيذُ بالسميعِ العليمِ مِن الشيطانِ الرجيمِ. ثم قال: قُلْ: بسمِ اللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ. قال: قال له جبريلُ (١): بسمِ اللَّهِ يا محمدُ. يقولُ: اقْرَأْ بذكرِ اللَّهِ ربِّك، وقمْ واقْعُدْ بذكرِ اللَّهِ.
قال أبو جعفرٍ: فإن قال لنا قائلٌ: فإن كان تأويلُ قولِ اللَّهِ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. ما وصَفْتَ، والجالبُ الباءَ في: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. ما ذكرتَ، فكيف قيل: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. بمعنى: أقْرَأُ باسمِ اللَّهِ. أو: أقُومُ [باسمِ اللَّهِ](٢). أو: أقْعُدُ باسمِ اللَّهِ؟ وقد علمتَ أن كلَّ قارئٍ كتابَ اللَّهِ، فبعونِ اللَّهِ وتوفيقِه قراءتُه، وأن كلَّ قائمٍ أو قاعدٍ أو فاعلٍ فعلًا، فباللَّهِ قيامُه وقعودُه وفعلُه؟ وهلَّا - إذ كان ذلك كذلك - قيل: باللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ. ولم يُقَلْ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. فإن قولَ القائلِ: أقُومُ وأقْعُدُ باللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ. أو: أقْرَأُ باللَّهِ. أوضحُ معنًى لسامعِه مِن قولِه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. إذ كان قولُه: أقُومُ، أو (٣): أقْعُدُ باسمِ اللَّهِ. يُوهِمُ سامعَه أن قيامَه وقعودَه بمعنًى غيرِ اللَّهِ.
قيل له وباللَّهِ التوفيقُ: إن المقصودَ إليه مِن معنى ذلك غيرُ ما توهَّمْتَه في نفسِك، وإنما معنى قولِه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾: أبْدَأُ بتسميةِ اللَّهِ وذِكْرِه قبلَ كلِّ شيءٍ. أو: أقْرَأُ بتسميتِه (٤). أو: أقُومُ وأقْعُدُ بتَسْميتِي اللَّهَ وذكرِه. [لا أنه](٥) يعني
(١) بعده في م: "قل". (٢) سقط من: م. (٣) في م: "و". (٤) في ر، م: "بتسمية الله". (٥) في ص: "إلا أنه"، وفي ر: "لأنه".