داودَ، وقد صنَعَت امرأتُه على فِراشِه كهيئةِ النائمِ ولَحَّفَتْه، فلما جاء رسولُ طالوتَ قال: أين داودُ؟ ليُجِبِ (١) المَلِكَ. فقالت له: باتَ شاكِيًا ونام الآنَ، تَرَوْنه على الفراشِ. فرجَعوا إلى طالوتَ، فأخبرُوه ذلك، فمكَث ساعةً، ثم أرسَل إليه، فقالت: هو نائمٌ لم يستيقِظْ بعدُ. فرَجَعوا إلى المَلِكِ فقال: ائتونى به وإن كان نائمًا. فجاءوا إلى الفِراشِ، فلم يَجِدوا عليه أحدًا، فجاءوا (٢) المَلِكَ فأخبَروه، فأرسل إلى ابنتِه فقال: ما حَمَلك على أن تكْذِبينِ (٣)؟ قالت: هو أمَرنى بذلك، وخِفْتُ إن لم أفعَلْ أمرَه أن (٤) يقتُلَنى. وكان داودُ فارًّا في الجبلِ حتى قُتِل طالوتُ، ومُلِّك داودُ بعدَه (٥).
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان طالوتُ أميرًا على الجيشِ، فبَعَث أبو داودَ مع داودَ بشيءٍ إلى إخوتِه، فقال داودُ لطالوتَ:[ماذا لى فأقتُلَ](٦) جالوتَ؟ قال: لكَ ثُلُثُ مالى (٧)، وأُنكِحُك ابنتى. فأخَذ مِخْلاتَه، فجعَل فيها ثلاثَ مَرَواتٍ، ثم سَمَّى حجارتَه تلك إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ، ثم أدخَل يدَه فقال: باسمِ إلهى وإلِه آبائى إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ. فخَرَج على إبراهيمَ، فجعَله في مِرْجمتِه، فخَرَقَت ثلاثًا وثلاثين بَيْضةً عن رأسِه، وقتَلَت ثلاثين ألفًا من ورائِه (٨).
(١) في س: "ليجيب". (٢) بعده في س: "إلى". (٣) في م: "تكذبينى". (٤) ليس في ت ٢، س، وهو صحيح أيضا. (٥) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٧٧، ٤٧٨ ببعضه. (٦) في س: "ما لى إن قتلت". (٧) في تفسير مجاهد: "ملكى". (٨) تفسير مجاهد ص ٢٤١، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٦٤ (٢٤٥١).