لها وجَب لها (١) في مالِه بغيرِ وصيةٍ منه لها، إذْ (٢) كان الميتُ مُستحيلًا أن يكونَ منه وصيةٌ بعدَ وفاتِه.
ولو كان معنَى الكلامِ على ما تأوَّله مَن قال: فلْيُوصِ وصيةً. لكان التنزيلُ: والذين يَحْضُرُهم الوفاةُ، ويَذَرُونَ أزواجا وصيةً لأزواجهم، كما قال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠].
وبعدُ، فلو كان ذلك واجبًا لهنَّ بوصية مِن أزواجهنَّ المتوفَّينَ، لم يكن ذلكَ حقًّا لهنَّ إذا لم يُوصِ أزواجُهنَّ لهنَّ به (٣) قبلَ وفاتهم، ولكان [قد كان لورثتِهم](٤) إخراجهنَّ قبلَ الحوْلِ، وقد قال اللهُ تعالى ذِكُره: ﴿غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ ولكن الأمرَ في ذلك بخلافِ ما ظنَّه في تأويلِه قارتُه: ﴿وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ﴾ بمعنى: أن الله تعالى كان أمَر أزواجهنَّ بالوصية لهنَّ، وإنما تأويلُ ذلك: والذين يُتَوفَّون منكم ويَذَرون أزواجًا كَتب اللهُ لأزواجِهم عليكُم وصيةً منه لهنَّ أيُّها المؤمنون، ألا تُخْرِجُوهُنَّ مِن منازلِ أزواجهنَّ حوْلًا. كما قال تعالى ذِكُره في سورِة "النساءِ": ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٢]. ثم ترَكَ ذكرَ "كتب اللهُ" اكتفاءً بدَلالةِ الكلامِ عليه، ورُفِعت الوصيةُ بالمعنى الذي قلنا قبلُ.
فإن قال قائلٌ: فهل يجوزُ نصبُ الوصيةِ [على الحالِ، بمعنى: مُوصِين](٥) لهنَّ وصيةً؟
(١) سقط من: م. (٢) في ص، ت ١، ت ٢: "إن". (٣) سقط من: م. (٤) في م: لورثتهم، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لورثتهم قد كان"، والمثبت هو الصواب. (٥) مكانه بياض في النسخ، والمثبت كما أثبته الشيخ شاكر.