حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: أخْبَرَني مالكٌ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه أنه كان يَقولُ في قولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾: أن يَقولَ الرجلُ للمرأةِ وهي في عِدَّةٍ مِن وفاةِ زوجِها: إنك عليَّ لَكريمةٌ، وإني فيك لراغبٌ، وإني سائقٌ إليك خيرًا ورزقًا. ونحوَ هذا مِن الكلامِ (١).
واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في معنى الخِطْبةِ، فقال بعضُهم (٢): الخِطْبةُ: الذِّكْرُ. والخِطْبةُ: التَّشَهُّدُ (٣).
وكأن قائل هذا القولِ تأوَّل الكلامَ: ولا جناحَ عليكم فيما عرَّضْتُم به مِن ذكرِ النساءِ عندَهن (٤).
وقد زعَم صاحبُ هذا القولِ أنه قال: ﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾. لأنه لمَّا قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾. كأنه قال: اذْكُرُوهن، ولكن لا تُواعِدُوهن سرًّا.
وقال آخَرون منهم: الخِطْبةُ من قولِهم: [خطَب فلانٌ فلانةَ يخْطُبُها](٥) خِطْبةً وخَطْبًا. قال: وقولُ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ﴾ [طه: ٩٥] يقالُ: إنه مِن هذا. قال: وأما الخُطْبةُ فهو المخطوبُ، مِن قولِهم: خطَب على المِنْبَرِ واخْتَطَب.
قال أبو جعفرٍ: والخِطْبةُ عندي هي الفِعْلةُ، مِن قولِ القائلِ: خطَبْتُ فلانةَ.
(١) أخرجه مالك ٢/ ٥٢٤، ومن طريقه الشافعي في مسنده ٢/ ١٩ (٥٨)، والبيهقي ٧/ ١٧٨. (٢) هو الأخفش كما في تفسير البغوي ١/ ٢٨٢. (٣) في ت ٢: "التشهيد". (٤) في النسخ: "عندهم". والمثبت من تفسير البغوي. (٥) زيادة يقتضيها السياق.