وأصلُ الفَىْءِ الرُّجوعُ مِن حالٍ إلى حالٍ، ومنه قولُه تعالى ذكرُه: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾. إلى قولِه: ﴿حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ﴾ [الحجرات: ٩]. يعنى: حتى تَرْجِعَ إلى أمرِ اللهِ. ومنه قولُ الشاعرِ (١):
ففاءَت ولم تَقْضِ الذى [أقبَلَت له](٢) … ومِن حاجةِ الإنسانِ ما ليس قاضيَا (٣)
يقالُ منه: فاء فلانٌ يَفِئُ فَيْئَةً، مثلَ الجَيْئَةِ، وفَيْئًا. والفَيْئَةُ المرةُ، فأما في الظلِّ، فإنه يقالُ: فاء الظلُّ يَفئُ فُيوءًا وفَيْئًا. وقد يُقالُ: فُيوءًا. أيضًا في المعنى الأولِ، لأنَّ الفَىْءَ في كلِّ الأشياءِ بمعنى الرُّجوعِ.
وبمثلِ الذى قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، غيرَ أنهم اختلَفوا فيما يَكُونُ به المُؤْلِى فائيًا، فقال بعضُهم: لا يَكُونُ فائيًا إلَّا بالجِماعِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا عليُّ بنُ سهلٍ الرَّمْلِيُّ، قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي ليلي، عن الحَكَمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: الفَىْءُ الجِماعُ (٤).
حَدَّثَنَا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو نعيمٍ، عن يزيدَ بنِ أبي (٥) زيادِ بنِ (٦) عن أبي الجَعْدِ، عن الحَكَمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: الفَىْءُ الجِماعُ.
(١) هو سحيم عبد بنى الحسحاس، والبيت في ديوانه ص ١٩. (٢) في الديوان: "هو أهله". (٣) في الديوان: "لاقيا". (٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١١٦٤٢) عن الثورى به، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٨٩٣) من طريق ابن أبى ليلى به. (٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢. (٦) في م: "عن". وينظر تهذيب الكمال ٣٢/ ١٣٠.