وقرَأ ذلك آخَرون:(هل ينظُرون إلا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظللٍ من الغمامِ والملائكةِ) بالخفضِ؛ عطفًا بالملائكةِ على الظُّللِ، بمعنى: هل ينظرون إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُلَلٍ مِن الغمامِ وفي الملائكةِ.
وكذلك اختلَفت القَرأةُ في قراءةِ ﴿ظُلَلٍ﴾؛ فقرَأها بعضُهم: ﴿فِي ظُلَلٍ﴾. وبعضُهم:(في ظلالٍ)(١).
فمَن قرَأها: ﴿فِي ظُلَلٍ﴾. فإنه وجَّهها إلى أنها جمعُ (٢) ظُلَّةٍ، والظُّلَّةُ تُجْمَعُ ظُلَل وظلال، كما تُجْمَعُ [الحُلةُ حُلل](٣)، [والجُلة جِلال](٤)
وأمَّا الذي قرَأها:(في ظِلالٍ). فإنه جعَلها جمعَ ظُلَّةٍ، كما ذكَرْنا مِن جمعِهم [الجُلة جِلالًا](٥).
وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ قارئُه كذلك وجَّهه إلى أن ذلك جمعُ ظِلٍّ؛ لأن الظُّلَّةَ والظِّلَ قد يُجْمعانِ جميعًا: ظِلال.
والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندي: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾. لخبرٍ رُوِي عن رسولِ اللَّهِ ﷺ أنه قال:"إن مِن الغمامِ طاقاتٍ يأتي اللَّهُ فيها محفوفًا"(٦). فدَلَّ بقولِه:"طاقاتٍ". على أنها ظُلَلٌ لا ظِلالٌ؛ لأن
(١) هذه قراءة قتادة، وهي شاذة. ينظر المحتسب ١/ ١٢٢. (٢) في الأصل: "جميع". (٣) في م: "الخلة خلل وخلال". وفي ت ٢: "الخلة خلل". (٤) في م: "الجلة جلل وجلال". (٥) في م: "الخلة خلال". (٦) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (٧٩٧) من حديث ابن عباس.