فإن قال قائلٌ: فأيَّ هذين الفريقينِ دعَا إلى الإسلامِ كافَّةً؟
قيل: قد اخْتُلِف في (١) ذلك؛ فقال بعضُهم: دُعِي إليه المؤمنون بمحمدٍ ﷺ وما جاء به.
وقال آخَرون: قيل: بل دُعِى إليه المؤمنون بمَن قبلَ محمدٍ ﷺ مِن الأنبياءِ، المُكَذِّبون بمحمدٍ ﷺ.
فإن قال: فما وجهُ دعاءِ المؤمنين (٢) بمحمدٍ ﷺ وبما جاء به إلى الإسلامِ؟
قيل: وجهُ دعائِه إلى ذلك الأمرُ له بالعملِ بجميعِ شرائعِه، وإقامةِ جميعِ أحكامِه وحدودِه، دونَ تضييعِ بعضِه والعملِ ببعضِه، وإذا كان ذلك معناه، كان قولُه: ﴿كَافَّةً﴾ مِن صفةِ السِّلْمِ، ويكونُ تأويلُه: ادْخُلوا في العملِ بجميعِ معاني السلمِ، ولا تُضَيِّعوا شيئًا منه يا أهلَ الإيمانِ بمحمدٍ ﷺ وبما جاء به.
وبنحوِ هذا المعنى كان يقولُ عكرمةُ في تأويلِ ذلك.
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عكرمةَ قولَه: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾. قال: نزَلت في ثَعْلَبَةَ وعبدِ اللَّه بنِ سَلَامٍ وابنِ يَامِينَ وأسدِ وأُسَيْدِ ابْنَيْ كعبٍ وسَمْيَةَ (٣) بنِ عمرٍو (٤) وقيسِ بنِ زيدٍ،
(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تأويل". (٢) في م: "المؤمن". (٣) في الأصل، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "شعبة"، وفي الدر المنثور: "سعيد". وينظر فهارس سيرة ابن هشام، ونصب الراية ٣/ ٤٠٠. (٤) في الأصل: "عمر".