مجاهدٍ: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ﴾: في الحرمِ، ﴿فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ لا تقاتِلْ أحدًا فيه أبدًا، فمن عدَا عليكَ فَقاتَلكَ فقاتِلْه كما يُقاتِلُك (١).
وقرَأ ذلك عُظْمُ قَرأةِ الكوفيِّينَ:(ولَا تَقْتُلُوهم عِنْدَ المسْجِدِ الحرامِ حتى يَقْتُلُوكم فيه فإنْ قَتَلُوكم (٢) فاقْتُلُوهم) (٣). بمعنى: ولا تبدَءوهُم بقتلٍ حتى يبدَءوكم به.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ أبي حمادٍ. (٤)، عن حمزةَ الزياتِ، قال: قلتُ للأعمشِ: أرأيتَ قراءَتَك: (وَلَا تَقْتُلُوهم عِنْدَ المسجِدِ الحَرَامِ حتَّى يَقْتُلوكم فيه فإن قَتَلُوكم فاقْتُلُوهم كَذلِكَ جَزَاءُ الكافِرِينَ فإِنِ انْتَهَوْا فإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إذا قتَلوهم كيف يقتُلونَهم؟ قال: إنَّ العربَ إذا قُتل منهم رجلٌ (٥) قالوا: قُتِلنا. وإذا ضُرب منهم رجلٌ قالوا: ضُربنَا (٦).
وأوْلَى هاتين القراءتين بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأ: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾؛ لأن اللهَ جل ثناؤه لم يأمرْ نبيَّه وأصحابَه في حالٍ - إذا قاتلَهم المشركون - بالاستسلامِ لهم حتى يَقتُلوا منهم قتيلًا، بعدَ ما أذِن له ولهم بقتالِهم، فتكونَ القراءةُ بالإذنِ بقتلِهم بعدَ أنْ يَقتُلوا منهم، أوْلى من القراءةِ بما
(١) ذكره النحاس في ناسخه ص ١٠٩ عن ابن أبي نجيح به. (٢) في م: "قاتلوكم". (٣) وهي قراءة حمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ١٧٩. (٤) بعده في م: "عن أبي حماد". (٥) سقط من: الأصل، ت ٢، ت ٣. (٦) ذكره النحاس في ناسخه ص ١١٣ معلقا، مختصرا. وينظر البحر المحيط ٢/ ٦٧.