عمَّن كفَّ عنه، حتى نزَلتْ "براءةُ". قال: ولم يَذكُرُ عبدُ الرحمنِ المدينةَ (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ إلى آخرِ الآيةِ. قال: قد نُسِخَ هذا. وقرأ قولَ اللهِ: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]. وهذه الناسخةُ. وقرأ: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾. حتى بلَغ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ إلى ﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢)[التوبة: ١ - ٥].
وقال آخَرون: بل ذاك أمرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه المسلمين بقتالِ الكفارِ لم يُنْسَخْ، وإنما الاعتداءُ الذي نهاهُم اللهُ عنه، هو نهيُه عن قتلِ النساءِ والذَّرَارِيِّ. قالوا: والنهيُ عن قتلِهم ثابتٌ حكمُه اليومَ. قالوا. ولا شيْءَ نُسِخَ من حكمِ هذه الآيةِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا سفيانُ بنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن صَدقةَ الدمشقيِّ، عن يحيى بنِ يحيى الغسانيِّ، قال: كتبتُ إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ أسألُه عن قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. قال: فكتَب إليَّ أَنَّ ذلك في النساءِ والذُّرِّيةِ، [ومن](٣) لمْ يَنْصِبْ لك الحربَ منهم (٤).
(١) ذكره الطوسي في التبيان ٢/ ١٤٣، والبغوي في تفسيره ١/ ١٤٣ معلقا عن الربيع. وعزاه السيوطي في الإتقان ١/ ٩٩، والأوائل ص ٩٤ إلى المصنف عن أبي العالية. وأخرجه آدم بن أبي إياس في تفسيره - كما في الدر المنثور ١/ ٢٠٥ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٢٥ (١٧١٩) - عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية. (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٣٢٧ عن ابن زيد. (٣) في الأصل، والدر المنثور ١/ ٢٠٥: "من". (٤) أخرجه وكيع - كما في الدر المنثور ١/ ٢٠٥ - وعنه ابن أبي شيبة ١٢/ ٣٨٥. وينظر الاستذكار ١٤/ ٦٣، وسيرة عمر لابن الجوزي ص ٩٦.