الرُّكُبَ (١)، وامشُوا حفاةً (٢). يأمرُهم في ذلك بالتخشُّنِ في عَيْشِهم، لئلا يتنعَّموا فيَرْكَنوا إلى خفْضِ العيشِ، ويَميلُوا إلى الدَّعةِ فيجبُنوا ويَحتمُوا عن أعدائِهم، وقد رغِب - لمن واصل - عن الوصالِ كثيرٌ من أهلِ الفضلِ.
حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمن بنُ مهديٍّ، قال: ثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، أن ابنَ أبي نُعْمٍ (٣) كان يواصلُ من الأيامِ حتى لا يستطيعَ أن يقومَ. فقال عمرُو بنُ ميمونٍ. لو أدرَك هذا أصحابُ محمدٍ ﷺ رَجَموه (٤).
ثم في الأخبارِ المتواترةِ عن رسولِ اللهِ ﷺ بالنهي عن الوصالِ التي يطولُ بإحصائِها الكتابُ، ترَكْنا ذكْرَ أكثرِها استغناءً بذكْرِ بعضِها، إذ كان في ذكرِ ما ذكرنَا مُكتفًى عن الاستشهادِ - على كراهةِ الوصالِ - بغيرِه.
حدُّثنا ابنُ المثنَّى، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن عبيدِ (٥) اللهِ، قال: أخبرَني نافعٌ، عن ابنِ عمرَ، أن رسولَ اللهِ ﷺ نهى عن الوصالِ، قالوا: إنك تواصلُ يا رسولَ اللهِ! قال: "إنِّي لَسْتُ كأحدٍ مِنْكم، إنِّي أبِيتُ أُطْعَمُ وأُسْقَى"(٦).
وقد رُوِي عن النبيِّ ﷺ الإذنُ بالوِصالِ من السَّحَرِ إلى السَّحَرِ.
حدّثني محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحكمِ المصريُّ، قال: ثنا شعيبٌ (٧)، عن
(١) الركب جمع ركاب، وهو من السرج كالغرز من الرحل. التاج (ر ك ب). (٢) مسند الفاروق ١/ ٢١٦، وغريب الحديث ٣/ ٣٢٥. والحديث في المسند ١/ ٣٩٤ (٣٠١) بمعناه. (٣) في م: "نعيم". (٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ٨٤ من طريق بكر بن عامر، عن ابن أبي نعم، وليس فيه ذكر قول عمرو بن ميمون. (٥) في م: "عبد". (٦) أخرجه أحمد ٨/ ٣٤٥ (٤٧٢١)، والنسائي في الكبرى (٣٢٦٣) من طريق يحيى بن سعيد به نحوه، وأخرجه البخاري (١٩٦٢)، ومسلم (١١٠٢)، من طريق نافع به نحوه. (٧) في م: "أبو شعيب"، وفي ت ١: "ابن شعيب"، وفي ت ٢: "أبي شعيب". وهو شعيب بن الليث بن سعد.