جُوَيْبِرٍ، عن الضَّحَّاكِ في قولِه: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ قال: عِدَّةَ ما أفطرَ المريضُ والمسافرُ (١).
حَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ قال: إكمالُ العدةِ أن يصومَ ما أفطَرَ مِن رمضانَ في مرضٍ أو سفرٍ أن يُتِمَّه، فإذا أتمَّه فقد أكمَل العدةَ.
فإن قال لنا قائلٌ: ما الذى عليه بهذه الواوِ التى في قولِه: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ عُطِفَتْ؟
قيل: اخْتَلَف أهلُ العربيةِ في ذلك؛ فقال بعضُهم: هى عاطفةٌ على ما قبلَها، كأنه قيل: ويُرِيدُ لِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللهَ.
وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٢): هذه اللامُ التى في قولِه: ﴿وَلِتُكْمِلُوا﴾ لامُ "كى"، لو أُلْقِيتْ كان صوابًا. قال: والعربُ تُدْخِلُها في كلامِها على إضمارِ فعلٍ بعدَها، ولا يكونُ شرطًا للفعلِ الذى قبلَها وفيها الواوُ، ألا تَرَى أنك تقولُ: جئتُك لتُحْسِنَ إليَّ. ولا تقولُ: جئتُك وَلِتُحْسِنَ إليَّ. فإذا قلتَه فأنت تُرِيدُ: ولِتُحْسِنَ جئتُك. قال: وهذا في القرآنِ كثيرٌ، منه قولُه: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ﴾ [الأنعام: ١١٣]. وقولُى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥]. لو لَمْ تكن فيه الواوُ كان شرطًا على قولِك: أرَيْناه ملكوتَ السماواتِ والأرضِ ليكونَ. فإذا كانت الواوُ فيها فلها فِعلٌ مُضْمَرٌ بعدَها: وليكونَ مِن المُوقِنين أرَيْناه.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٩٤ إلى المصنّف. (٢) هو الفراء في معانى القرآن ١/ ١١٣.