حدَّثنا محمدُ بنُ سنانٍ، قال: ثنا أبو عامرٍ، قال: ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن الحارثِ بن عبدِ الرحمنِ، عن عائشةَ، أن النبيَّ ﷺ نظَر إلى القمرِ، فقال:"يا عائشةُ، اسْتَعِيذِى باللهِ مِن شَرِّ هذا، فإِنَّ هذا الغاسِقُ إِذا وقَب"(١).
وأولى الأقوالِ في ذلك عندي بالصوابِ أنْ يقالَ: إِنَّ الله أمَر نبيَّه ﷺ أَنْ يستعيذَ من شرِّ ﴿غَاسِقٍ﴾ وهو الذي يُظْلِمُ، يقال: قد غَسَق الليلُ يَغْسِقُ غُسُوقًا. إذا أَظْلَم. ﴿إِذَا وَقَبَ﴾. يعنى: إذا دخَل في ظَلامِه، واللَّيلُ إذا دخَل في ظَلامِه غاسقٌ، والنجمُ إذا أفَل غاسقٌ، والقمرُ غاسقٌ إذا وقَب، [ولم يَخْصُصْ](٢) بعضَ ذلك بل عمَّ الأمر بذلك، فكلُّ غاسقٍ فإنه ﷺ كان يُؤْمَرُ بالاستعاذة من شرِّه إذا وقب. وكان قتادةُ يقولُ في معنى ﴿وَقَبَ﴾: ذَهَب.
حدَّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: ﴿غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾. قال: إذا ذهَب (٣).
ولستُ أعرِفُ ما قال قتادةُ في ذلك، في كلامِ العربِ، بل المعروفُ مِن كلامها من معنى: ﴿وَقَبَ﴾: دخَل.
وقوله: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾. يقولُ: ومِن شرِّ السواحرِ اللَّاتى يَنْفُثْن في عُقَدِ الخَيْطِ، حينَ يَرْقِين عليها.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) أخرجه النسائي (١٠١٣٧) من طريق أبي عامر به، وعنده: عن الحارث والمنذر عن أبي سلمة. (٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٣. (٣) تفسير ابن كثير ٨/ ٥٥٤.