هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾: يصلُّون، وليست الصلاة من شأنِهم (١).
حدثني أبو السائبِ، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليثٍ، عن مجاهد في قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. قال: يَتهاونون (٢).
وأولى الأقوال في ذلك عندى بالصوابِ بقوله: ﴿سَاهُونَ﴾: لاهُون يتغافلون عنها، وفي اللَّهْوِ عنها والتشاغل بغيرها، تضييعها أحيانًا، وتضييع وقتها أخرى. وإذا كان ذلك كذلك صحَّ بذلك قولُ مَن قال: عُنى بذلك تركُ وقتها. وقولُ مَن قال: عُنِي به تركها. لما ذكرْتُ قبلُ مِن أنَّ في السهو عنها المعاني التي ذكرت.
وقد روى عن رسول الله ﷺ بذلك خبرانِ يؤيِّدان صحة ما قلنا في ذلك:
أحدهما: ما حدَّثني به زكريا ابنُ أبانٍ المصريُّ، قال: ثنا عمرو بن طارق، قال: ثنا عكرمة بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الملك بن عُميرٍ، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، قال: سألت النبي ﷺ عن: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. قال:"هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها"(٣).
والآخر منهما: ما حدثني به أبو كريبٍ، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن شيبانَ النحويِّ، عن جابر الجعفي، قال: ثنى رجلٌ، عن أبي بَرْزَةَ الأسلميِّ، قال: قال
(١) تقدم نحوه في ٧/ ٦١٣. (٢) ذكره البغوي في تفسيره ٨/ ٥٥٢. (٣) أخرجه العقيلي في الضعفاء ٣/ ٣٧٧ من طريق عمرو بن طارق به، وأخرجه أبو يعلى (٨٢٢)، والبزار (١١٤٥)، وابن أبي حاتم في العلل ١/ ١٨٧، ١٨٨، والطبرانى في الأوسط (٢٢٧٦)، والبيهقي في سننه ٢/ ٢١٤، ٢١٥، البغوي في تفسيره ٨/ ٥٥٢، وفي شرح السنة (٣٩٧) من طريق عكرمة بن إبراهيم به، وذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٥١٦ عن المصنف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٠٠ إلى ابن المنذر وابن مردويه، وقال: قال الحاكم والبيهقي: الموقوف أصح.