وآمنهم من خوفٍ، وألِفوا الرحلةَ، فكانوا إذا شاءوا ارتحَلوا، وإذا شاءوا أقاموا، فكان ذلك من نعمة الله عليهم.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنى عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة قال: كانت قريشٌ قد ألفوا بُصْرَى واليمنَ؛ يختلفون إلى هذه في الشتاء، وإلى هذه في الصيف، ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾. فأمرهم أن يقيموا بمكة (١).
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبى صالح: ﴿لإِيلَافِ قُرَيْشِ (١) إيلَافِهِمْ﴾. قال: كانوا تُجَّارًا، فعلم الله حبَّهم للشامِ (٢).
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿لإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾. قال: عادة قريشٍ؛ عادتُهم رحلةُ الشتاء والصيف (٣).
حدِّثتُ عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقولُ: ثنا عبيد، قال: سمعتُ الضحاك يقولُ في قوله: ﴿لإيلَافِ قُرَيْشٍ﴾: كانوا ألفوا الارتحالَ في القيظِ والشتاءِ.
وقوله: ﴿إِيلَافِهِمْ﴾. مخفوضةٌ على الإبدال، كأنه قال: لإيلافِ قريش، لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف.
وأما "الرحلةُ" فنُصبت بقوله: ﴿إِيلَافِهِمْ﴾. ووقوعه عليها.
وقوله: ﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾. يقولُ: رحلة قريشٍ الرحلتين؛ إحداهما
(١) ذكره القرطبي في تفسيره ٢٠/ ٢٠٨، ٢٠٩. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٩٨ إلى المصنف والفريابي وابن المنذر. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٩٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٩٨ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.