وقولُه: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾. يقولُ تكذيبًا منه جلَّ ثناؤُه للقائلين للقرآن: هو شِعرٌ وسجعٌ: ما ذلك كذلك، بل هو قرآنٌ كريمٌ.
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾. يقولُ: قرآنٌ كريمٌ.
حدَّثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمانٍ، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفرٍ، عن سعيد في قوله: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾. قال: كريمٌ.
وقولُه: ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هو قرآنٌ كريمٌ، مثبَتٌ في لوحٍ محفوظٍ (١).
واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿مَحْفُوظٍ﴾؛ فقرأ ذلك "من قرأةِ" أهلِ الحجازِ أبو جعفرٍ القارئُ وابن كثيرٍ، و [مِن قرأةِ](٢) الكوفةِ عاصمٌ والأعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ، ومن البصريين أبو عمرٍو: ﴿مَحْفُوظٍ﴾ خفضًا (٣)، على معنى أنَّ اللَّوحَ هو المنعوتُ بالحفظِ. وإذا كان ذلك كذلك، كان التأويلُ: في لوحٍ محفوظٍ مِن الزيادةِ فيه والنقصان منه، عما أَثْبَته اللهُ فيه. وقرَأ ذلك مِن المكيِّين ابنُ مُحَيصِنٍ، ومِن المدنيين نافعٌ:(مَحْفُوظٌ) رفعًا (٤)، ردًّا على "القرآنِ"، على أنه مِن نعتِه وصفتِه. وكأن. وكأن معنى ذلك على قراءتِهما: بل هو قرآنٌ مجيدٌ، محفوظٌ منٌ التغييرِ والتبديلِ في لوحٍ.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أنهما قراءتان معروفتان في قرأةِ الأمصارِ،
(١) ليست في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في م: "مَن قرأه مِن" (٣) وبالخفض قرأ أيضًا يعقوب وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٩٩. (٤) ينظر النشر ٢/ ٢٩٩.