حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾: شرابٍ شريفٍ؛ عينٍ في الجنةِ، يشربُها المقرَّبون صِرفًا، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجنةِ (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قولِه: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾. قال: بلَغنا أنها عينٌ تخرجُ من تحتِ العرشِ، وهى مِزاجُ هذه الخمرِ. يعنى: مِزاجُ الرحيقِ (٢).
حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاك يقولُ في قولِه: ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾: شراب اسمه تسنيم، وهو من أشرفِ الشرابِ (٣).
فتأويلُ الكلامِ: ومزامجُ الرحيقِ من عينٍ تُسَنَّمُ عليهم من فوقِهم فتنصَبُّ عليهم، يشربُ بها المقرَّبون من اللهِ صِرفًا، وتُمزجُ لأهلِ الجنةِ.
واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ نصبِ قولِه: ﴿عَيْنًا﴾؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: إن شئتَ جعَلتَ نصبَه على: يُسْقَون عينًا، وإن شئتَ جَعَلته مدحًا فيُقطعُ من أولِ الكلامِ، فكأنك تقولُ: أعنى عينًا.
وقال بعضُ نحويي الكوفةِ (٤): نَصبُ العين على وجهين؛ أحدُهما: أن يَنْوِىَ: من تسنيم عَينٍ، فإذا نوِّنت نُصبت، كما قال: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا﴾ [البلد: ١٤، ١٥]، وكما قال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥)
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٢٧ إلى عبد بن حميد وعبد الرزاق. (٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ٢٦٦. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور - كما في المخطوطة المحمودية ص ٤٤٦ - إلى عبد بن حميد. (٤) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢٤٩.