كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠)﴾: قال اللَّهُ: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾. أي: بيومِ الدينِ، إلا كلُّ معتدٍ في قولِه، أثيمٍ بربِّه (١).
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إذا قُرِئ عليه حججُنا وأدلتُنا التي بيَّناها في كتابِنا الذي أنزَلناه إلى محمدٍ ﷺ، ﴿قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ: قال: هذا ما سطَّره الأوَّلون فكتَبوه، مِن الأحاديثِ والأخبارِ.
وقولُه: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مُكذِّبًا لهم في قيلِهم ذلك: كلا ما ذلك كذلك، ولكنه ﴿رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم﴾. يقولُ: غلَب على قلوبِهم وغمَرتها، وأحاطتْ بها الذنوبُ فَغَطَّتْها. يقالُ منه: رانتِ الخمرُ على عقلِه، فهى تَرِينُ عليه رَيْنًا. وذلك إذا سَكِر فغلَبت على عقلِه، ومنه قولُ أبى زُبيدٍ الطائيِّ (٢).
ثُمَّ لما رآه رانَتْ به الخمـ … ـــرُ وأَنْ لا تَرِينَهُ بِاتِّقاءِ
يعنى تَرِينَه بمخافةٍ. يقولُ: سَكِر فهو لا ينتبِهُ؛ ومنه قولُ الراجزِ (٣):
لمْ نَرْوَ حتى هَجَّرت وَرِينَ بى … وَرِينَ بالسَّاقى الذي أمسى مَعِى
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، وجاء الأثرُ عن رسولِ اللَّهِ ﷺ.
(١) تقدم تخريجه في (٢٣/ ١٦٠). (٢) شعره ص (٢٨). (٣) الرجز في اللسان (ر ى ن)، مع اختلاف في الرواية.