واختلَفت القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقرَأته عامة قرأةِ المدينة ومكةَ والشامِ والبصرة:(فَعَدَّلكَ) بتشديدِ الدالِ (٣). وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ بتخفيفِها (٤). وكأن مَن قرأ ذلك بالتشديدِ وجَّه معنى الكلامِ إلى أنه: جعَلك معتدلًا معدلَ الخلقِ مقوَّمًا. وكأن الذين قرَءوه بالتخفيفِ وجَّهوا معنى الكلامِ إلى: صرَفك وأمالَك إلى أيِّ صورةٍ شاء؛ إما إلى صورةٍ حسنةٍ، وإما إلى صورةٍ قبيحةٍ، أو إلى صورةِ بعضِ قراباتِه (٥).
وأولى الأقوال في ذلك عندى بالصوابِ أن يقالَ (٦): إنهما قراءتان معروفتان في قرأةِ الأمصارِ صحيحتا المعنى، فبأيِتهما قرَأ القارئَ فمصيبٌ، غيرَ أن أعجبَهما إليَّ أن أقرَأ به قراءةُ من قرَأ ذلك بالتشديدِ؛ لأن دخول ﴿فِي﴾ للتعديل أحسنُ في
(١) في م: "الإنسان". (٢) ذكره البغوي في تفسيره ٨/ ٣٥٦، والقرطبي في تفسيره ١٩/ ٢٤٥ (٣) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٦٧٤. (٤) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق ص ٦٧٤. (٥) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٤٤. (٦) سقط من: ت ٢، ت ٣.