علَاهم، فهو عالِيَهم.
وقد اختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأَتْه عامةُ قرَأَةِ المدينةِ والكوفةِ وبعضُ قرَأَةِ مكةَ: (عالِيهمْ) بتسكينِ الياءِ (١). وكان عاصمٌ وأبو عمرٍو وابنُ كثيرٍ يقرَءُونه بفتحِ الياءِ، فمن فتَحها جعَل قولَه: ﴿عَالِيَهُمْ﴾ اسمًا مرافعًا للثيابِ، مثلَ قولِ القائلِ: ظاهرُهم ثيابُ سُنْدُسٍ.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنَّهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.
وقولُه: ﴿ثِيَابُ سُنْدُسٍ﴾. يعني: ثيابُ ديباجٍ رقيقٍ حسنٍ. والسُّنْدُسُ: هو ما رَقَّ مِن الديباجِ.
وقولُه: ﴿خُضْرٌ﴾. اختلَفت القرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأه أبو جعفرٍ القارئُ وأبو عمرٍو (٢) برفعِ: ﴿خُضْرٌ﴾ على أنها نعتٌ للثيابِ، وخفضِ: ﴿وَإِسْتَبْرَقٌ﴾، عطفًا به على السُّنْدُسِ، بمعنى: وثيابُ إِسْتَبْرَقٍ. وقرَأ ذلك عاصمٌ وابنُ كثيرٍ: (خُضْرٍ) خفضًا، ﴿وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ رفعًا (٣)، عطفًا بالإستبرقِ على الثيابِ، بمعنى: عالِيهم إستبرقٌ، وتَصْيِيرًا (٤) للخُضْرِ نعتًا للسُّنْدُسِ. وقرَأ ذلك نافعٌ: ﴿خُضْرٌ﴾ رفعًا، على أنَّها نعتٌ للثيابِ، ﴿وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ رفعًا، عطفًا به على الثيابِ. وقرأ ذلك عامةُ قرَأَةِ الكوفةِ: (خُضْرٍ وإِسْتَبْرَقٍ) خفضًا كلاهما (٥). وقرَأ ذلك ابنُ مُحَيْصِنٍ بتركِ إجراءِ الإستبرقِ: (وإِسْتَبْرَقَ) بالفتحِ (٦)، بمعنى: وثيابُ إستبرقٍ، وفتح ذلك؛
(١) قرأ بها نافع وحمزة. ينظر حجة القراءات ص ٧٣٩.(٢) وكذلك قرأ بها ابن عامر. ينظر الحجة ص ٧٤٠.(٣) ينظر حجة القراءات، الموضع السابق.(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تفسيرا".(٥) هي قراءة حمزة والكسائي. ينظر الحجة ص ٧٤٠.(٦) وهي شاذة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute