القرآنِ، فلمَّا أَخْبَره خرَج على قريشٍ، فقال: يا عَجَبًا لما يقولُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، فواللهِ ما هو بشعرٍ، ولا بسحرٍ، ولا بهَذيٍ من الجنونٍ، وإن قولَه لَمِن كلامِ اللهِ، فلمَّا سمَع بذلك النفرُ من قريشٍ ائْتَمروا، وقالوا: واللهِ لئن صبَأ الوليدُ، لتَصْبَأَنَّ قريشٌ. فلما سمِع بذلك أبو جهلٍ قال: أنا واللهِ أكْفِيكم شأنَه. فانْطَلَق حتى دخَل عليه بيتَه، فقال للوليد: ألم تَرَ قومَك قد جمَعوا لك الصدقةَ؟ قال: ألستُ أكثرهم مالًا وولدًا؟ فقال له أبو جهلٍ: يَتَحَدَّثون أنك إنما تَدْخُلُ على ابن أبي قُحافةَ لتُصِيبَ مِن طعامِه. قال الوليدُ: قد [تَحدَّثَ بهذا](١) عَشِيرتي، [فَلَايْمُ جَابِرِ بن قُصَيٍّ](٢)، لا أَقْرَبُ أبا بكرِ، ولا عمرَ ولا ابنَ أبى كبشةَ، وما قولُه إلا سحرٌ يُؤثر. فأنْزَل اللهُ على نبيِّه ﷺ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ إلى: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾ (٣).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾. زعَموا أنه قال: واللهِ لقد نظَرْتُ فيما قال هذا الرجلُ، فإذا هو ليس بشعرٍ، وإنَّ له لَحلاوةً، وإن عليه لَطَلاوةً، وإنه لَيعلو وما يُعْلَى، وما أَشُكُ أنه سحرٌ. فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿ فيه: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ الآيةَ، ثمَّ عَبَسَ وَبَسَرَه: قبض ما بينَ عينيه وكلَح (٤).
حدثَّني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى،، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾. قال: الوليدُ بنُ المغيرةِ يومَ دارِ النَّدوةِ.
(١) في ص، م، ت ١، ت،٢، ت ٣: "تحدثت به". (٢) في م: "فلا يقصر عن سائر بني قصى". وليست في مصدرى التخريج. (٣) أخرجه أبو نعيم في الدلائل ١/ ٢٢٣ من طريق محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨٣ إلى ابن مردويه. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨٢ إلى عبد بن حميد.