جبْريل؛ ﴿لِيَعْلَمَ﴾ محمدٌ ﴿أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدَا﴾. قال: وما نزل جبريلُ بشيءٍ من الوحي، إلا ومعه أربعةُ حَفَظةٍ [من الملائكةِ](١).
وأولَى هذه الأقوال عندَنا بالصوابِ قولُ مَن قال: ليَعْلَمَ الرسولُ (٢) أن الرسلَ قبلَه قد بلَّغوا رسالاتِ ربِّهم؛ وذلك أن قولَه: ﴿ليَعْلَمَ﴾. مِن سبب قوله: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾. وذلك خبرٌ عن الرسول، فمعلومٌ (٣) بذلك أن قوله: ﴿لِيَعْلَمَ﴾. من سببه، إذ (٤) كان ذلك خبرًا عنه.
وقولُه: ﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ﴾. يقولُ: وعِلم بكلِّ ما عندهم، ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾. يقولُ: وعَلم عدد الأشياءِ كلِّها، فلم يَخْفَ عليه منها شيءٌ.
وقد حدَّثنا محمد بن بشارٍ، قال: ثنا محمد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنه قال في هذه الآية: ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [إلى قولِه](٥): ﴿وأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾: ليَعْلَمَ الرسل أن ربَّهم قد أحاط بهم، فيُبَلِّغوا [رسالات ربِّهم](٦).
آخرُ تفسيرِ سورةِ الجن
(١) سقط من: م. والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٢٧٤ عن المصنف، وأخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٢٧٤ - وأبو الشيخ في العظمة (٣٥٩) من طريق يعقوب به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٧٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٢) في ت ٢، ت ٣: "الرسل". (٣) سقط من: الأصل. (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إذا". (٥) في الأصل: "يعنى من رسول". (٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رسالاتهم". والأثر ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ٣١.