وقبلَ أنْ يعلموا تكذيبَ اللهِ الزاعمين أن للهِ صاحبةً وولدًا وغيرَ ذلك من معانى الكفرِ -كانوا يَحْسَبون أنَّ إبليسَ صادقٌ فيما يَدْعو بني آدمَ إليه من صنوفِ الكفرِ، فلما سمِعوا القرآنَ أَيقَنُوا أنه كان كاذبًا فى كلِّ ذلك؛ فلذلك قالوا: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾. فسمَّوه سفيهًا.
وقولُه: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مخبِرًا عن قيلِ هؤلاءِ النفرِ: وأنه كان رجالٌ من الإنسِ يَسْتَجِيرون برجالٍ مِن الجنِّ في أسفارِهم إذا نزَلوا منازلَهم. وكان ذلك من فعلِهم فيما ذُكِر لنا، كالذى حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾. قال: كان رجالٌ مِن الإِنسِ يَبِيتُ (١) أحدُهم بالوادِى في الجاهليةِ، فيقولُ: أَعوذُ بعزيزِ هذا (٢) الوادِى. فزادهم ذلك إثمًا (٣).
حدَّثنا الحسنُ بنُ عرفةَ، قال: ثنا هشيمٌ، عن عَوفٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾. قال: كان الرجلُ منهم إذا نزَل الوادىَ فبات به، قال: أعوذُ بعزيزِ هذا الوادى من شرِّ سفهاءِ قومِه (٤).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ [فى قولِه: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ (٥) رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾. قال: كانوا إذا نزَلوا الوادىَ قالوا: نعوذُ بسيِّدِ هذا الوادى من شرِّ ما فيه. فتقولُ الجنُّ: ما نمْلِكُ لكم ولا
في الأصل: "يثبت". (٢) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٧٢ إلى المصنف وابن مردويه. (٤) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٧٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٥) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.