إذا ما الغانِياتُ بَرَزْنَ يومًا … وزَجَّجْنَ الحواجِبَ والعُيونا
فنصَب العيونَ لإتْباعِها الحواجبَ، وهى لا تُزَجَّجُ، وإنما تُكْحَلُ، فَأَضْمَر لها الكَحْلَ، [كذلك يُضْمَرُ](١) في الموضع الذى لا يَحْسُنُ فيه "آمنَّا": "صدَّقْنا"، و "أُلْهِمنا"، و "شهِدنا"(٢). قال: ويُقَوِّى (٣) النصْبَ قولُه: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾. فينبَغِى لمن كسَر أَنْ يَحذِفَ "أن" مِن "لو"؛ لأنَّ "إِنَّ" إذا خُفِّفَت لم تكن في (٤) حكايةٍ، ألا تَرَى أنك تقولُ: أقولُ (٥) لو فعَلتَ لفعَلتُ. ولا تُدْخِلُ "أنْ". وأما الذين [كسَروا كلَّها](٦) وهم في ذلك يقولون: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾. فكأَنَّهم أَضْمَروا يمينًا مع "لو"، وقطَعوها عن النَّسَقِ على أوَّلِ الكلامِ، فقالوا: واللهِ أنْ لو اسْتَقاموا. قال: والعربُ تُدْخِلُ "أنْ" فى هذا الموضعِ مع اليمينِ وتحذِفُها، قال الشاعرُ (٧):
فأُقْسِمُ لو شيءٌ أتانا رَسُولُه … سِواكَ ولَكِنْ لم نَجِدْ لَكَ مَدْفَعَا
[قال: وأنشَدني](٨) آخَرُ (٩):
أما واللهِ أنْ لو كنتَ حُرًّا … وما بالحُرِّ أنتَ ولا العَتِيقِ
فأَدْخَل "أنْ". ومن كسَر كلَّها ونصَب: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾. فإنه خصَّ
(١) في الأصل: "كما تضمر". (٢) في الأصل: "سددنا". (٣) في ص، م: "بقول"، وفى ت ١، ت ٣: "يقول"، وفي ت ٢: "تقول". (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٥) سقط من: الأصل. (٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كسروها كلها"، وفى م: "كسروها كلهم". (٧) تقدم في ١٢/ ٣٦٢، ١٣/ ٥٣٣. (٨) في ص، ت ٢، ت ٣: "قالوا وأنشدني"، وفى م: "قالوا وأنشدنا". (٩) البيت ذكره الفراء في معانى القرآن ٢/ ٤٤، ٣/ ١٩٢، وينظر خزانة الأدب ٤/ ١٤١، ١٤٣ - ١٤٥.