قال: فانطلَقوا يَضْرِبون مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، يَتَتبَّعون ما هذا الذي حالَ بينَهم وبينَ خبرِ السماءِ. قال: فانطلَق النفرُ الذين توجَّهوا نحوَ تِهامةَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ بنخلةَ (١)، وهو عامدٌ إلى سوقِ عُكاظٍ، وهو يُصَلِّى بأصحابِه صلاةَ الفجرِ. قال: فلما سمِعوا القرآنَ استمَعوا له، فقالوا: هذا واللهِ الذي حال بينَكم وبينَ خبرِ السماءِ. قال: فهنالِك (*) حينَ رجَعوا إلى قومِهم فقالوا: يا قومَنا ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾. قال: فأنزَل اللهُ إلى (٢) نبيِّه ﷺ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾، وإنما أوحَى إليه قولَ الجنِّ (٣).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، عن زِرٍّ (٤) قال: قدِم رهطُ زَوْبَعةَ وأصحابُه مكةَ على النبيِّ ﷺ، فسمِعوا قراءةَ النبيِّ ﷺ ثم انصرَفوا، فذلك قولُه: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا﴾ [الأحقاف: ٢٩]. قال: كانوا تسعةً فيهم زَوْبَعةُ (٥).
حُدِّثت عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاك يقولُ في قولِه: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾. هو قولُ اللهِ:
(١) نخلة: موضع على ليلة من مكة وهى التى ينسب إليها بطن نخلة. معجم ما استعجم ٤/ ١٣٠٤. (*) إلى هنا ينتهى الخرم فى الأصل، المشار إليه ص ١١٣. (٢) فى م: "على". (٣) أخرجه أحمد ٤/ ١٢٩ (٢٢٧١)، والبخارى، (٧٧٣، ٤٩٢١)، ومسلم (٤٤٩)، والترمذى (٣٣٢٣)، والنسائى فى الكبرى (١١٦٢٤)، وأبو يعلى (٢٣٦٩)، وابن حبان (٦٥٢٦)، والطبراني (١٢٤٤٩)، والحاكم ٢/ ٥٠٣، والبيهقى فى الدلائل ٢/ ٢٢٥، ٢٢٦ من طرق عن أبي عوانة به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٦/ ٢٧٠ إلى أبي نعيم فى الدلائل وابن مردويه وابن المنذر وعبد بن حميد. (٤) فى م: "ورقاء"، وفي ت ٢: "ذر". (٥) تقدم تخريجه مختصرًا ٢١/ ١٦٥.