وقولُه: ﴿إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾. يقولُ: كأَنَّهم إلى عَلَمٍ قد نُصِب لهم يَسْتَبِقون. وأجمعَتْ قرأةُ الأمصار على فتح النون من قولِه:(نَصْبٍ) غيرَ الحسنِ البصريِّ، فإنه ذُكر عنه أنه كان يضُمُّها مع الصادِ (١)، وكأَنَّ مَن فتحها يوجِّهُ النَّصْبَ إلى أنه مصدرٌ من قول القائل: نَصَبْتُ الشيء أَنصِبُه نَصْبًا. وكان تأويلُه عندَهم: كأنَّهم إلى صنمٍ مَنْصوبٍ يُسرعون سعيًا. وأمَّا من ضمَّها مع الصادِ فَإِنَّه يُوجِّهه إلى أنه واحدُ الأنْصاب، وهى آلهتهم التي كانوا يعبدونها.
يقولُ: تَطْلُبُ مَلْجَأً تَلْجَأُ إليه، والإيفاضُ السرعةُ، وقال رُؤْبةُ (٣):
يُمْسى بنا الجِدُّ على أوْفاضِ
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بن جعفرٍ، قال: ثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن أبى العالية أنه قال فى هذه الآيةِ: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾. قال: إلى علاماتٍ يَسْتَبِقون (٤).
حدَّثنا محمد بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾. قال: إلى
(١) وهى أيضًا قراءة ابن عامر وحفص عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ٦٥١. (٢) البيتان بدون عزو في معانى القرآن للفراء ٣/ ١٨٦ برواية: "ظلت تطلب"، واللسان (أ ض ض، و ف ض). (٣) ديوانه ص ٨١. (٤) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٦٧ إلى عبد بن حميد.