وذُكِر عن ابنِ عباسٍ أنه كان يَقْرَأُ ذلك:(يَوْمَ تَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ)(١) بمعنى: يومَ تَكْشِفُ القيامةُ عن شدةٍ شديدةٍ. والعربُ تقولُ: كَشَف هذا الأمرُ عن ساقٍ. إذا صار إلى شدةٍ، ومنه قولُ الشاعرِ (٢):
كشَفتْ لهم عن ساقِها … وبدَا من الشَّرِّ البَرَاحْ (٣)
وقولُه: ﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾. يقولُ: ويَدْعوهم الكشفُ عن الساقِ إلى السجودِ للهِ تعالى فلا يُطِيقون ذلك.
وقولُه: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾. يقولُ: تَغْشَاهم ذِلَّةٌ من عذابِ اللهِ، ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾. يقولُ: وقد كانوا في الدنيا يَدْعونهم إلى السجودِ له وهم سالمون، لا يَمْنَعُهم من ذلك مانعٌ، ولا يحولُ بينهم وبينَه حائلٌ.
وقد قيل: السجودُ فى هذا الموضعِ الصلاةُ المكتوبةُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ التيمىِّ: ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾. قال: إلى الصلاةِ المكتوبةِ (٤).
حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن أبي سنانٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ﴾. قال: يَسْمَعُ المنادِى إلى
= السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٥٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (١) أخرجه الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٧٧، والبيهقى فى الأسماء والصفات (٧٤٨) من طريق عمرو بن دينار، عن ابنِ عباسٍ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٥٥ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن منده، وينظر الرد على الجهمية لابن منده ص ٣٩. (٢) البيت في معاني القرآن ٣/ ١٧٧، والحماسة لأبي تمام ١/ ٢٦٦، والأشباه والنظائر للخالديين ١/ ١٥٥. (٣) فى م: "الصراح". (٤) أخرجه أحمد في العلل ٢/ ٩١ (٥٣١ - رواية عبد الله) من طريق سفيان به.