"هي عليَّ حرامٌ، فاكتُمي ذلك ولا تخبري به أحدًا". فذكَرتْ ذلك.
وقال آخرون: بل حرَّم رسولُ اللَّهِ ﷺ جاريتَه، فجعَل اللَّهُ ﷿ تحريمَه إيَّاها بمنزلةِ اليمينِ، فأَوجَب فيها من الكفارةِ مثلَ الذي أوجَب في اليمينِ إذا حنِث فيها صاحبُها.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾: أمر اللَّهُ ﷿ النبيَّ ﷺ والمؤمنين إذا حرَّموا شيئًا مما أحلَّ لهم أن يُكفِّروا أَيْمانَهم، بإطعامِ عشرةِ مساكينَ، أو كسوتِهم، أو تحريرِ رقبةٍ، وليس يَدخلُ ذلك في طلاقٍ (١).
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾. قال: كانت حفصةُ وعائشةُ متحابَّتَين، وكانتا زوجَ (٢) النبيِّ ﷺ، فذهَبتْ حفصةُ إلى أبيها تتحدَّثُ عندَه، فأرسَل النبيُّ ﷺ إلى جاريتِه، فظلَّت معه في بيتِ حفصةَ، وكان اليومَ الذي يأتي فيه عائشةَ، فرجَعت حفصةُ، فوجَدتهما في بيتِها، فجعَلت تَنتظرُ خروجَهما، وغارت غَيرةً شديدةً، فأخرَج رسولُ اللَّهِ ﷺ جاريتَه، ودخَلتْ حفصةُ فقالتْ: قد رأيتُ مَن كان عندَك، وواللَّهِ لقد سُؤْتَنِي. فقال النبيُّ ﷺ:"واللَّهِ لأَرْضِيَنَّكِ، فإِنِّي مُسِرٌّ إليكِ سِرًّا فاحْفَظِيه". قالت: ما هو؟ قال: "إني أُشْهِدُكِ أَنَّ سُرِّيَّتِي هذه
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤١ إلى ابن المنذر وابن مردويه. (٢) في ص، م، ت ١، ت ٣: "زوجتي"، وفي ت ٢: "زوجتا".