وقال آخرون: معنى ذلك: إن ارتَبتُم بما (١) يظهَرُ منهنَّ مِن الدمِ، فلم تَدْروا أَدَمُ حيضٍ، أم دمُ اسْتِحاضةٍ (٢)، مِن كِبَرٍ كان ذلك أو عِلَّةٍ؟
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الأعلى، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن عكرمةَ، قال: إنَّ مِن الرِّيبةِ المرأةَ المستحاضةَ، و (٣) التي لا يَستقيمُ لها الحيضُ، تحيضُ في الشهرِ مرارًا، وفي الأشهُرِ مرَّةً، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشهرٍ (٤). وهو قولُ قتادةَ (٥).
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ قولُ مَن قال: عَنَى بذلك: إن ارتَبتُم فلم تَدْروا ما الحكمُ فيهنَّ. وذلك أنَّ معنى ذلك لو كان كما قاله مَن قال: إن ارْتَبتم بدمائِهِنَّ فلم تَدْروا أدمُ حيضٍ أو استحاضةٍ. لقيل: إن ارْتبْتُنَّ (٦)؛ لأنهنَّ إذا أشكَل الدمُ عليهنَّ، فهنَّ المرتاباتُ (٧) بدماءِ أنفسِهنَّ لا غيرُهنَّ. وفي قولِه: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾، وخطابِه الرجالَ بذلك دونَ النساءِ، الدليلُ الواضحُ على صحةِ ما قلنا، مِن أنَّ معناه: إنِ ارْتبتم أنتم (٨) أيُّها الرجالُ بالحُكمِ فيهنَّ. وأُخرى؛ وهو أنه جلَّ ثناؤه قال: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾. واليائسةُ (٩) مِن المحيضِ هي التي لا تَرْجو مَحِيضًا لكِبَرٍ (١٠)، ومحالٌ أنْ يقالَ: واللَّائي يَئِسن. ثم
(١) في م: "مما". (٢) في ص، م: "مستحاضة". (٣) سقط من: الأصل. (٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١١١٢٣) عن معمر عن قتادة به. (٥) ينظر تفسير القرطبي ١٨/ ١٦٣. (٦) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ارتبتم". (٧) في الأصل: "المرتاب". (٨) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٩) في الأصل: "الآيسة". (١٠) سقط من: الأصل، وفي م: "للكبر".