حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾. قال: نسَخَتْها: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١).
وقد تقدَّم بيانُنا عن معنى الناسخِ والمنسوخِ بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢)، وليس في قولِه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾. دَلالةٌ واضحةٌ على أنه لقولِه: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾. ناسخٌ، إذ كان محتمِلًا قولُه: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾: اتقوا اللَّهَ حقَّ تقاتِه فيما اسْتَطَعْتم، [ولم يكنْ بأنه له ناسخٌ](٣) عن رسولِ اللَّهِ ﷺ، فإذا كان ذلك كذلك، فالواجبُ استعمالُهما جميعًا على ما يحتمِلان من وجوهِ الصحةِ.
وقولُه: ﴿وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا﴾. يقولُ: واسمعوا لرسولِ اللَّهِ ﷺ، وأطِيعوه فيما أمَركم به ونهاكم عنه، ﴿وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾. يقولُ: وأنفِقوا مالًا مِن أموالِكم لأنفسِكم، تَستَنْقِذوها من عذابِ اللَّهِ. والخيرُ في هذا الموضعِ المالُ.
وقولُه: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ومن يَقِه اللَّهُ شُحَّ نفسِه، وذلك اتباعُ هواها فيما نهى اللَّهُ عنه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى أبو معاويةَ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾. يقولُ: هوى نفسِه حيثُ يتَّبِعُ هواه ولم يَقْبِل الإيمانَ.
(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٩٥ عن معمر به. (٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٣٨٨ - ٤٠٣. (٣) كذا بالنسخ، ولعلها: "ولم يكن بان له ناسخ".