وإنما عُنِي بهذه الآياتِ كلِّها، فيما ذُكِر، عبدُ اللَّهِ بنُ أبيٍّ ابنُ سَلُولَ؛ وذلك أنه قال لأصحابِه: لا تُنْفِقوا على مَن عندَ رسولِ اللَّهِ حتى يَنْفَضُّوا. وقال: لئن رجعنَا إلى المدينةِ ليخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. فسمِع بذلك زيدُ بنُ أرقمَ، فأخبَر به رسولَ اللَّهِ ﷺ، فدعاه رسولُ اللَّهِ ﷺ، فسأَله عما أُخْبِر به عنه، فحلَف: إنه ما قاله، وقيل له: لو أتَيْتَ رسولَ اللَّهِ ﷺ، فسأَلْتَه أن يستغفِرَ لك. فجعَل يَلْوِي رأسَه، ويحرِّكُه استهزاءً، ويعني بذلك أنه غيرُ فاعلٍ ما أشاروا به عليه، فأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ فيه هذه السورةَ، من أولِها إلى آخرِها.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، وجاءت الأخبار.
ذكرُ الرواية التي جاءت بذلك
حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يحيى بنُ آدمَ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن زيدِ بنِ أرقمَ، قال: خرَجْتُ مع عمي (١) في غَزاةٍ، فسمِعْتُ عبدَ اللَّهِ بنَ أبيٍّ ابنَ سَلُولَ يقولُ لأصحابِه: لا تُنْفِقوا على مَن عندَ رسولِ اللَّهِ حتى يَنفَضُّوا، لئن رجَعْنا إلى المدينةِ ليخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ. قال: فذكَرْتُ ذلك لعمي، فذكَره عمي لرسولِ اللَّهِ ﷺ، فأرْسَل إليَّ، فحدَّثْتُه، فأرْسَل إلى عبدِ اللَّهِ عليًّا ﵁ وأصحابِه، فحلَفوا: ما قالوا. فكذَّبني رسولُ اللَّهِ ﷺ وصدَّقه. فأصابني همٌّ لم يُصِبْني مثلُه قطُّ، فدخَلْتُ البيتَ، فقال لي عمي: ما أردتَ إلى (٢) أن كذَّبك رسولُ اللَّهِ ﷺ ومقَتَك. قال: حتى أنْزَل اللَّهُ ﷿: ﴿إِذَا جَاءَكَ
(١) هنا وما سيأتي في ت ٢، ت ٣: "عمر". (٢) في ت ١، ت ٣: "إلا".