ذلك عامةُ قرَأةِ الكوفةِ بإضافةِ "الأنصارِ" إلى ﴿اللَّهِ﴾ (١).
والصوابُ من القولِ في ذلك (٢) أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ. ومعنى الكلامِ: يأيها الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، كونوا أنصارَ اللَّهِ كما قال عيسى ابنُ مريمَ للحواريين: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾. يعني: مَن أنصارِي منكم إلى نُصْرةِ اللَّهِ لي؟
وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثني به بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾. قال: قد كانت للَّهِ أنصارٌ من هذه الأمةِ، تجاهدُ على كتابِه وحقِّه، وذُكِر لنا أنه بايعَه ليلةَ العقبةِ اثنان وسبعون رجلًا من الأنصارِ، ذُكِر لنا أن بعضَهم قال: هل تدرون علامَ تُبايعون هذا الرجلَ؟ إنَّكم تبايعون على محاربةِ العربِ كلِّها أو يُسلِموا. ذُكر لنا أن رجلًا قال: يا نبيَّ اللَّهِ، اشتَرط لربِّك ولنفسِك ما شِئْتَ. قال:"أَشْتَرطُ لربِّي أن تعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأشْتَرطُ لنفسِي أن تمنَعوني مما منَعتم منه أنفسَكم وأبناءَكم". قالوا: فإذا فعَلنا ذلك فما لنا يا نبيَّ اللَّهِ؟ قال:"لكم النصرُ في الدنيا، والجنةُ في الآخرةِ". ففعَلوا، ففعَل اللَّهُ (٣).
حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، قال: تلا قتادةُ: ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾. قال: قد كان ذلك
(١) وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٢٨٩. (٢) بعده في م: "عندي". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢١٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.