فِيهَا﴾. نصبٌ؛ قال: ولا أَشْتَهِي الرفعَ وإن كان يجوزُ، فإذا رأيتَ الفعلَ بين صِفَتَيْن قد عادَت إحداهما على موضعِ الأخرى نَصَبْتَ، فهذا من ذلك. قال: ومثلُه في الكلامِ قولُكَ: مررتُ برجلٍ على بابِه (١) مُتَحَمِّلًا به. ومثلُه قولُ الشاعرِ (٢):
والزَّعْفَرانُ على تَرائِبِها … شَرِقًا به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
لأنَّ الترائبَ هي اللَّبَّاتُ ههنا، فعادت الصفةُ باسمِها الذي وقَعَت عليه، فإذا اختلَفتِ الصفتان جاز الرفعُ والنصبُ على حُسْنٍ؛ مِن ذلك قولُك: عبدُ اللَّهِ في الدارِ راغبٌ فيك. ألا تَرَى أنَّ "في" التي في الدارِ مخالفةٌ لـ "في" التي تكونُ في الرغبةِ، قال: والحجةُ ما يُعرَفُ به النصبُ مِن الرفعِ أنْ لا تَرَى الصفةَ الآخرةَ تَتَقدَّمُ قبلَ الأولى؛ ألا تَرَى أنك تقولُ: هذا أخوك (٣)[في يدِه درهمٌ قابضًا عليه. فلو قُلْتَ: هذا أخوك](٤) قابضًا عليه في يدِه درهمٌ. لم يَجُزْ، ألا تَرَى أنك تقولُ: هذا رجلٌ قائمٌ إلى زيدٍ في يدِه درهمٌ. فهذا يدُلُّ على (٥) المنصوبِ إذا امتَنَع تقديمُ الآخرِ، ويدُلُّ على الرفعِ إذا سَهُل تقديمُ الآخرِ.
وقولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الذين صدَّقوا اللَّهَ ووحَّدُوه، اتَّقوا اللَّهَ بأداءِ فرائضِه، واجتنابِ معاصيه
وقولُه: ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾. يقولُ: وليَنْظُرْ أحدُكم ما قدَّم ليومِ القيامةِ مِن الأعمالِ، أَمِن الصالحاتِ التي تُنْجِيه أم من السيئاتِ التي تُوبِقُه؟
(١) في م: "نابه". (٢) ذكره الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٤٦ غير منسوب، وينظر البحر المحيط ٨/ ٤٥٣. (٣) بعده في ص، ت ١: "قابضا عليه". (٤) سقط من: ت ٢، ت ٣. (٥) بعده في م: "أن".