بعدَهم، وإن هم نَفَوْا عنهم اليهوديةَ والنصرانيةَ، قيل لهم: فهَلُمّوا إلى ما كانوا عليه من الدينِ، فإنا وأنتم مُقِرُّون جميعًا بأنَّهم كانوا على حقٍّ، ونحن مختلِفون فيما خالَف الدينَ الذى كانوا عليه.
وقال آخرون: بل عَنَى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ﴾ اليهودَ في كتمانِهم أمرَ محمدٍ ﷺ ونبوَّتَه، وهم يَعلمون ذلك ويَجِدُونه في كُتُبِهم.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾: أولئك أهلُ الكتابِ، كَتَموا الإسلامَ وهم يَعلمون أنه دينُ اللهِ، واتَّخَذُوا اليهوديةَ والنصرانيةَ، وكَتَموا محمدًا ﷺ وهم يَعلمون أنه رسولُ اللهِ ﷺ، يَجِدُونه مكتوبًا عندَهم في التوراةِ والإنجيلِ (١).
وحدثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ﴾ قال: الشهادةُ، النبيُّ ﷺ مكتوبٌ عندَهم، وهو الذى كَتَموا (٢).
وحدثنى المثنَّى [قال: حدثنى إسحاقُ](٣)، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ نحوَ حديثِ بشرِ بنِ معاذٍ، عن يزيد بنِ زريعٍ (٤).
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٤١ إلى المصنف وعبد بن حميد. (٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٦٠. (٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٤) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٤٦ عقب الأثر (١٣١٩) من طريق ابن أبى جعفر به.