رسولِ اللَّهِ ﷺ، كان الرجلُ يأتي فيقولُ: افسَحوا لي رحِمكم اللَّهُ. فيَضَنُّ كلُّ واحدٍ منهم بقُرْبِه مِن رسولِ اللَّهِ ﷺ، فأمَرهم اللَّهُ بذلك، ورأَى أنه خيرٌ لهم.
وقال آخرون: بل عُنِي بذلك في مجالسِ القتالِ إذا اصْطَفُّوا للحربِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه:(يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي المَجْلِسِ فافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ). قال: ذلك في مجلسِ القتالِ (١).
والصوابُ من القولِ في ذلك أن يقالَ: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه أمَر المؤمنين أن يَتَفَسَّحوا في المجلسِ، ولم يَخْصُصْ بذلك مجلسَ النبيِّ ﷺ دونَ مجلسِ القتالِ، وكلا الموضعين يقالُ له: مجلسٌ. فذلك على جميعِ المجالسِ مِن مجالسِ رسولِ اللَّهِ ﷺ ومجالسِ القتالِ.
واختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأَتْه عامةُ قرأةِ الأمصارِ:(تَفَسَّحُوا فِي المَجْلِسِ) على التوحيدِ، غيرَ الحسنِ البصريِّ وعاصمٍ؛ فإنهما قرَأا ذلك: ﴿فِي الْمَجَالِسِ﴾ على الجماعِ. وبالتوحيدِ قراءةُ ذلك عندَنا؛ لإجماعِ الحجةِ مِن القرأةِ عليه (٢).
وقولُه: ﴿فَافْسَحُوا﴾. يقولُ: فوسِّعوا، ﴿يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾. يقولُ: يُوسِّعِ اللَّهُ منازلَكم في الجنةِ، ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٥ إلى المصنف. (٢) ينظر الكشف ٢/ ٣١٤، ٣١٥.