قال: والأرضُ يومئذٍ حربٌ على أهلِ هذا البلدِ، وكان إبليسُ يأتي القومَ فيقولُ لهم: إنما يتناجَون في أمورٍ قد حضَرت، وجموعٍ قد جُمِعت لكم، وأشياءَ. فقال اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلى آخرِ الآيةِ (١).
حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، [عن قتادةَ](٢)، قال: كان المسلمون إذا رأَوُا المنافقين خَلَوا يَتَناجَون - يَشُقُّ عليهم، فنزَلت: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (٣).
وقال آخرون: عُنِي بذلك أحلامُ النومِ التي يراها الإنسانُ في نومِه فتُحزِنُه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بن داودَ البَلْخِيُّ، قال: سُئِل عطيةُ - وأنا أسمعُ - عن (٤) الرُّؤْيا، فقال: الرُّؤْيا على ثلاثِ منازلَ؛ فمنها وسوسةُ الشيطانِ، فذلك قولُه: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ﴾، ومنها ما يُحدِّثُ نفسَه بالنهارِ فيراه [من الليلِ](٥)، ومنها كالأَخْذِ باليدِ.
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عُنِي به مناجاةُ المنافقين بعضِهم بعضًا بالإثمِ والعدوانِ. وذلك أنّ اللَّهَ جلَّ ثناؤُه تقدَّم بالنهيِ عنها بقولِه: ﴿إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾. ثم عمَّا في ذلك مِن المكروهِ على أهلِ الإيمانِ، وعن سببِ نهيِه إيَّاهم عنه، فقال: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ
(١) ينظر التبيان ٩/ ٥٤٦، والبحر المحيط ٨/ ٢٣٦. (٢) سقط من: ص، م، ت ١. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٩ عن معمر به. (٤) سقط من: م. (٥) في م: "بالليل".