عكرمةُ: اسمُها خُوَيلةُ ابنَةُ ثعلبةَ، وزوجُها أَوْسُ بنُ الصامتِ - جاءت النبيَّ ﷺ فقالت إنَّ زوجَها جعَلها عليه كظَهْرِ أُمِّه. فقال النبي ﷺ:"ما أُرَاكِ إِلَّا قد حَرُمْتِ عليه". وهو حينَئذٍ يغسِلُ رأسَه، فقالت: انظرْ جُعلتُ فِداكَ يا نبيَّ اللَّهِ، فقال:"ما أُراكِ إِلَّا قد حَرُمْتِ عليه". فقالت: انظرْ في شأني يا رسولَ اللَّهِ. فجعَلت تجادلُه، ثم حوَّل رأسَه ليغسلَه، فتحوَّلت من الجانبِ الآخرِ، فقالت: انظرْ جعَلني اللَّهُ فِداكَ يا نبيَّ اللَّهِ. فقالت الغاسلةُ: أقْصِري حديثَك ومخاطبَتَكِ يا خَوْلةُ (١)، أمَا ترَين وجهَ رسول اللَّهِ ﷺ متربدًا (٢) لِيُوحى إليه؟! فأنزَل اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾. حتى بلَغ: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾. قال قتادةُ: فحرَّمَها، ثم يريدُ أن يعودَ لها فيطأَها ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾. حتى بلَغ: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
قال أيوبُ: أحسَبُه ذكَره عن عكرمةَ، أن الرجلَ قال: يا نبيَّ اللَّهِ، ما أجِدُ رقبةً. فقال النبيُّ ﷺ:"ما أنا بزائدِك". فأنزَل اللَّهُ عليه: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾. فقال: واللَّهِ يا نبيَّ اللَّهِ، ما أُطِيقُ الصومَ، إني إذا لم آكُلْ في اليومِ كذا وكذا أَكلةً، لقِيتُ ولَقِيتُ. فجعَل يَشكو إليه، فقال:"ما أنا بِزَائِدِك". فنزَلت: ﴿فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ (٣).
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، قال: ثنا ابنُ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾. قال: تُجَادِلُ محمدًا ﷺ، فهي تَشتكي إلى اللَّهِ عندَ كِبَرِه وكِبَرِها، حين انتَقَض وانتَفَض رَحِمُها.
حدَّثني الحارث، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن
(١) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "خويلة". (٢) ارْبَدَّ وجهُه وتَرَبَّد: احمر حمرة فيها سواد عند الغضب. اللسان (ر ب د). (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٧، ٢٧٨ - ومن طريقه الجصاص في أحكام القرآن ٥/ ٣٠١، ٣٠٢ - عن معمر به.