يقولُ تعالى ذكرُه: هو الفوزُ العظيمُ في يومِ يقولُ المنافقون والمنافقاتُ - و"اليومُ" من صلةِ "الفوزِ" - للذين آمَنوا باللَّهِ ورسلِه: انظُرُونا.
واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿انْظُرُونَا﴾؛ فقرَأت ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ أهلِ الكوفةِ: ﴿انْظُرُونَا﴾. موصولةً، بمعنى: انتَظِرونا (١). وقرَأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ:(أنْظِرُونا). مقطوعةَ الألفِ من "أَنظَرتُ"، بمعنى: أَخِّرُونا (٢). وذكَر الفراءُ أن العربَ تقولُ: أَنْظُرْني. وهم يُرِيدون: انتظِرْني قليلًا. وأنشَد في ذلك بيتَ عمرِو بنِ كُلثومٍ (٣):
أبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا … وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
قال: فمعنى هذا: انتَظِرْنا قليلًا نُخْبِرْك؛ لأنه ليس ههنا تأخيرٌ، إنما هو استماعٌ كقولِك للرجلِ: اسمَعْ (٤) مني حتى أُخْبِرَك (٥).
والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندِي الوصلُ؛ لأن ذلك هو المعروفُ من كلامِ العربِ، إذا أُريد به: انتظِرْنا. وليس للتأخيرِ في هذا الموضعِ معنًى فيقالَ: أَنْظِرُونا. بفتحِ الألفِ وهمزِها.
وقولُه: ﴿نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾. يقولُ: نَسْتَصْبِحْ من نورِكم. والقبَسُ: الشُّعْلةُ.
(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي. حجة القراءات ص ٦٩٩، ٧٠٠. (٢) هي قراءة حمزة. المصدر السابق. (٣) البيت في شرح القصائد السبع الطوال ص ٣٨٧. (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "استمع". (٥) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٣٣.