وإلى اللَّهِ صائرٌ أموالُكم إن لم تُنْفِقوها في حياتِكم في سبيلِ اللَّهِ؛ لأن له ميراثَ السماواتِ والأرضِ. وإنما حثَّهم جلَّ ثناؤُه بذلك على حظِّهم، فقال لهم: أَنْفِقوا أموالَكم في سبيلِ اللَّهِ؛ ليكونَ ذلك لكم ذُخْرًا عندَ اللَّهِ من قبلِ أن تَمُوتوا، فلا تَقْدِروا على ذلك، وتَصِيرَ الأموالُ ميراثًا لمن له السماواتُ والأرضُ.
وقولُه: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: لا يَسْتَوِي منكم أيُّها الناسُ مَنْ آمَن قبلَ فتحِ مكةَ وهاجَر.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾. قال: آمَن فأَنفَق، يقولُ:[هاجَر، ليس من هاجَر كمن لم يُهاجِرْ](١)(٢).
حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ﴾. يقولُ: مَن آمَن.
قال: ثنا مِهرانُ، عن سفيانَ، قال: يقولُ (٣): غيرُ ذلك.
وقال آخرون: عنَى بالفتحِ فتحَ مكةَ، وبالنفقةِ النفقةَ في جهادِ المشركين.
(١) في م: "من هاجر ليس كمن لم يهاجر". (٢) تفسير مجاهد ص ٦٤٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٢ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر. (٣) بعده في ص، ت ١: "غيره".