عجَزتم وقصَّرتم، فكونوا من أهل الأُفقِ، فإني رأيتُ ثَمَّ (١) أُناسًا يَتَهَرَّشون (٢) كثيرًا - أو قال: - يَتَهَوَّشون (٣)". قال: فتراجَع المؤمنون، أو قال: فتراجَعْنا على هؤلاءِ السبعينَ. فصار من أمرِهم أن قالوا: نراهم ناسًا وُلِدوا في الإسلامِ، فلم يَزَالوا يَعْمَلون به حتى ماتوا عليه. فنمَى حديثُهم ذاك إلى نبيِّ اللَّهِ ﷺ، فقال: "ليس كذاك، ولكنهم الذين لا يَسْتَرْقون، ولا يَكْتَوون، ولا يَتَطَيَّرون، وعلى ربِّهم يَتَوكَّلون". ذُكِر لنا (٤) أن نبيَّ اللَّهِ ﷺ قال يومَئذٍ: "إني لأَرْجو أن يكونَ مَن تَبِعني مِن أُمَّتِي رُبعَ أهلِ الجنةِ". فكَبَّرنا، ثم قال: "إني لأَرْجو أن تَكونوا الشطرَ". فكبَّرنا، ثم تلَا رسولُ اللَّهِ ﷺ هذه الآيةَ: " ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ " (٥).
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا الحسنُ بنُ بشرٍ البجليُّ، عن الحكمِ بنِ عبدِ الملكِ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن عمرانَ بنِ حصينٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، قال: تحدَّثنا لَيْلةً عندَ رسولِ اللَّهِ ﷺ، حتى أكْرَينا - أو أَكثَرنا - ثم ذكَر نحوَه، إلا أنه قال: "فإذا الظِّرابُ ظِرابُ مكةَ مَسدودةٌ بوجوهِ الرجالِ". وقال أيضًا: "فإني رأيتُ عندَه أناسًا يَتَهاوَشونَ كثيرًا". قال: فقلْنا: مَن هؤلاء السبعون ألفًا؟ فاتفَق رأيُنا على أنهم قومٌ وُلِدوا في الإسلامِ، ويَموتون عليه. قال: فذكَرْنا ذلك لرسولِ اللَّهِ ﷺ فقال: "لا، ولكنهم قومٌ لا يَكْتَوون". وقال أيضًا: ثم قال
(١) ليس في: الأصل، ت ٢، ت ٣. (٢) في الأصل، ص، ت ١: "يتهوسون". (٣) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢: "يتهرسون". (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٥) أخرجه الطبراني (٩٧٦٩) من طريق يزيد به، وأحمد ٧/ ٩٧ (٣٩٨٩)، وابن حبان (٦٤٣١)، والطبراني (٩٧٦٨)، والحاكم ٤/ ٥٧٧ من طريق سعيد به، وأخرجه الحسن بن سفيان - كما في الدر المنثور ٦/ ١٥٩ - ومن طريقه ابن عساكر ١٧/ ٢١ - ، وابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ١٤ - من طريق قتادة به مختصرًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وابن مردويه. وصححه ابن كثير في تفسيره ٢/ ٨، والحافظ في الفتح ١١/ ٤٠٧.