المشركون مِن أنهم لا يُبْعَثون بعدَ مَماتِهم، بل الساعةُ نعِدُهم (١) للبعثِ والعقابِ، والساعةُ أدْهَى وأمَرُّ عليهم مِن الهزيمةِ التي يُهْزَمونها عندَ التقائِهم مع المؤمنين ببدرٍ.
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن عمرِو بن مرةَ، عن شهرِ بنِ حَوْشَبٍ، قال: إِنْ هذه [الأمةُ بهلاكٍ](٢)، إِنَّمَا مَوْعِدُهُمُ السَّاعَةُ. ثم قرَأ: ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ﴾ إلى قولِه: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾.
وقولُه: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن المجرمين في ذَهابٍ عن الحقِّ، وأخْذٍ على غيرِ هُدًى، ﴿وَسُعُرٍ﴾. يقولُ: في احْتراقٍ مِن شدةِ العَناءِ والنَّصَبِ في الباطلِ.
كما حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾. قال: في عَناءٍ (٣).
وقولُه: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يومَ يُسْحَبُ هؤلاء المجرمون في النارِ على وجوهِهم.
وقد تأَوَّل بعضُهم قولَه: ﴿فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾: إلى النارِ. وذُكِر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ:(يومَ يُسْحَبون إلى النارِ على وجوهِهم)(٤).
وقولُه: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يومَ يُسْحَبون في النارِ على وجوهِهم، يقالُ لهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. وترَك ذكرَ "يقالُ لهم" استغناءً بدَلالةِ
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "موعدهم". (٢) في ص، م، ت ١: "إن هذه الآية نزلت بهلاك"، وفي ت ٢، ت ٣: "إن هذه الآية نزلت لهلاك"، و (الباء) في "بهلاك" بمعنى "إلى" أي: ليست هذه الأمة إلى هلاك. وينظر مغني اللبيب ص ٩٨. (٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٦٠، ٢٦١ عن معمر به. (٤) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ١١٠، والقراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.