بحكمِ "فعَل" و"يَفْعَلُ" في التوحيدِ إذا تقَدَّم الأسماءَ، كما قال الشاعرُ (١):
وشبابٍ حسنٍ أوجهُهم … من ايادِ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدّ
فوحَّد حسنًا وهو صفةٌ للأوجهِ وهي جمعٌ، وكما قال الآخرُ (٢):
يَرْمِي الفِجاجَ بها الركبانُ مُعْتَرِضًا … أعناقَ بُزَّلِهَا مُرْخًى لها الجُدُلُ (٣)
فوحَّد مُعْتَرِضًا، وهي (٤) من صفةِ الأعناقِ، والجمعُ والتأنيثُ فيه جائزان على ما بيَّنا.
وقولُه ﷿: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يَخْرُجون مِن قبورِهم، كأنهم في انتشارِهم وسعيِهم إلى موقفِ الحسابِ جرادٌ منتشرٌ.
وقولُه: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾. يقولُ: مُسْرِعين، نَظَرُهم (٥) قِبَلَ داعِيهم إلى ذلك الموقفِ. وقد بيَّنا معنى الإهطاعِ بشواهدِه المغنيةِ عن الإعادةِ (٦)، ونَذْكُرُ بعضَ ما لم نَذْكُرْه فيما مضَى مِن الروايةِ.
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن عثمانَ بنِ يَسَارٍ، عن تَمِيمِ بنِ حَذْلَمٍ قولَه: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾. قال: هو التَّحْميجُ (٧).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ (٨)، عن سفيانَ، [عن أبيه](٩)، عن أبي الضُّحَى: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾. قال: التَّحْمِيجُ (٧).
(١) البيت في ديوان أبي دؤاد الإيادي ص ٣٠٥، ونسبه في العمدة ٢/ ٦٧، إلى الحارث بن دوس الإيادي. (٢) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٠٥. (٣) قال الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٠٦: الجدل جمع الجديل، وهو الزمام. (٤) في الأصل: "هو". (٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بنظرهم". (٦) ينظر ما تقدم في ١٣/ ٧٠٤ - ٧٠٧. (٧) تقدم تخريجه في ١٣/ ٧٠٥. (٨) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "سفيان". (٩) سقط من الأصل.