والعربُ تقولُ: حفَر فلانٌ فأَكْدى. وذلك إذا بلَغ الكُدْيَةَ، وهو أن يَحفِرَ الرَّجلُ في السَّهلِ، ثم يَسْتقبِلَه جبلٌ فيُكْدِيَ، يقالُ: قد أَكْدى يُكْدِي (١) كِداءً. و: كَدِيَتْ أظفارُه وأصابعُه كِدًى شديدًا. منقوصٌ، إِذا غَلُظَت. و: كَدِيَتْ أصابعُه. إذا كَلَّت فلم تَعْمَلْ شيئًا. و: كَدَأ النَّبْتُ. إذا قلَّ رَفْعُه (٢)، يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ.
وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ (٣) يقولُ: اشتُقَّ قولُه: ﴿وَأَكْدَى﴾. مِن كُدْيةِ الرَّكِيَّةِ (٤)، وهو أن يَحْفِرَ حتى يَيْأَسَ مِن الماءِ، فيُقالُ حينئذٍ: بلَغْنا كُدْيَتَها.
وقولُه: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أعندَ هذا الذي ضَمِن له صاحبُه أنه يتَحمَّلُ عنه عذابَ اللَّهِ في الآخرةِ - علمُ الغيبِ، فهو يرى حقيقةَ قولِه، ووفائِه بما وعَده؟!
وقولُه: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أم لم يُخْبَرْ هذا المضمونُ له أنه يُتحمَّلُ عنه عذابُ اللَّهِ في الآخرةِ - بالذي في صحفِ موسى بنِ عمرانَ صلواتُ اللَّهِ عليه.
وقولُه: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾. يقولُ: وإبراهيمَ الذي وَفَّى مَن أُرسِل إليه ما أُرسِل به.
ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في المعنى الذي وَفَّى؛ فقال بعضُهم: وفَّاه (٥) بما عَهِد إليه
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ريعه". (٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٣٨. (٤) الركية: البئر التي لم تُطْو، أي: لم تبطن بالحجارة. ينظر اللسان (ر ك ى). (٥) في م: "وفاؤه".