وحُدِّثْتُ عن معمرِ بنِ المثنى قال: أنْشَدَني الأخفشُ (١):
فإن تَنْأَ عنا نَنْتَقِصْك (٢) وإن تَغِبْ … فسهمُك مَضْئُوزٌ وأنْفُك راغمُ
ومِن العربِ مَن يقولُ: ضَيْزَى. بفتحِ الضادِ وتركِ الهمزِ منها (٣)، ومنهم مَن يقولُ: ضَأْزَى. بالفتحِ والهمزِ، وضُؤْزَى. بالضمِّ والهمزِ، ولم يَقْرَأْ أحدٌ بشيءٍ من هذه اللغاتِ (٤). وأما الضِّيزَى بكسرِ الضادِ فإنها "فُعْلَى" بضمِّ الفاءِ، وإنما كُسِرَت الضادُ منها كما كُسِرَت مِن قولِهم: قومٌ بِيضٌ وعِينٌ. وهي فُعْلٌ (٥)؛ لأن واحدَها بيضاءُ وعيناءُ، ليُؤَلِّفوا بين الجمعِ والاثنين والواحدِ، وكذلك كرِهوا ضمَّ الضادِ مِن ضِيزَى، فتقولُ: ضُوزَى. مخافةَ أن تَصيرَ بالواوِ، وهي من الياءِ.
وقال الفَرَّاءُ (٦): إنما قَضَيتُ على أولِها بالضمِّ؛ لأن النُّعوتَ للمؤنثِ تأتي إما بفتحٍ وإما بضمٍّ، فالمفتوحُ: سَكْرَى وعَطْشَى، والمضمومُ: الأُنثى والحُبْلَى، فإذا كان اسمًا ليس بنعتٍ كُسِر أولُه كقولِه: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥]. كُسِر أولُها لأنها اسمٌ ليس بنعتٍ، وكذلك الشَّعْرَى، كُسِر أُولُها لأنها اسمٌ ليس بنعتٍ.
وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ قولِه: ﴿قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ قال أهلُ التأويلِ، وإن اختَلَفت ألفاظُهم بالعبارةِ عنها؛ فقال بعضُهم: قِسمةٌ عَوْجاءُ.
(١) البيت في تهذيب اللغة ١٢/ ٥٢، وفي اللسان وتاج العروس (ض أ ز) غير منسوب. (٢) في الأصل، ت ١، ت ٢: "نقتنصك"، وفي ص: "نقصك". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيها". (٤) قرأ ابن كثير من السبعة: (ضِئْزَى)، وقرأ باقي السبعة بغير همز، وقرأ زيد بن علي: (ضَيْزَى). وهي قراءةٌ شاذة. ينظر حجة القراءات ص ٦٨٥، ٦٨٦، والبحر المحيط ٨/ ١٦٢. (٥) في الأصل، ت ٢: "فعلى". (٦) معاني القرآن ٣/ ٩٩.