حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زِيدٍ في قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾. قال: ذو قُوَّةٍ. المِرَّةُ: القُوَّةُ (٢).
حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا حكامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الربيعِ: ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾. قال: جبريلُ (٣).
وأَولى القولين في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: عُنِي بالمِرَّةِ صحةُ الجسمِ وسلامتُه من الآفاتِ والعاهاتِ. والجسمُ إذا كان كذلك (٤) من الإنسانِ كان قوِيًّا. وإنما قُلنا: إن ذلك كذلك؛ لأن المِرَّةَ واحدُ المِرَرِ، وإنما أُريدَ به: ذو مِرَّةٍ سَوِيَّةٍ. وإذا كانت المِرَّةُ صحيحةً، كان الإنسانُ صحيحًا. ومنه قولُ النبيِّ ﷺ:"لا تَحِلُّ الصَّدقَةُ لِغَنيٍّ، ولَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"(٥).
وقولُه جل ثناؤُه: ﴿فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾. يقولُ: فاسْتَوى هذا الشديدُ القُوَى وصاحبُكم محمدٌ بالأُفُقِ الأعلى (٦). وذلك لمَّا أُسْرِي برسولِ اللَّهِ ﷺ، اسْتَوى هو وجبريلُ ﵉ بمَطْلِعِ الشَّمسِ الأعلى. وعَطَف الأعلى. وعَطَف بقولِه: ﴿وَهُوَ﴾. على ما في قولِه: ﴿فَاسْتَوَى﴾ من ذكرِ محمدٍ ﷺ، [وأكثرُ](٧) كلامِ العربِ إذا أرادوا العطفَ في مثلِ هذا الموضعِ أن
(١) ذكره الطوسي في التبيان ٩/ ٤٢٠. (٢) ذكره الطوسي في التبيان ٩/ ٤٢٠، وابن كثير في تفسيره ٧/ ٤١٩. (٣) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٣٦٨) من طريق أبي جعفر به (٤) في ص، ت ٢، ت ٣: "ذلك". (٥) تقدم تخريجه في ١١/ ٥١٨. (٦) قال ابن كثير في تفسيره ٧/ ٤١٩: وقد قال ابن جرير ههنا قولا لم أره لغيره، ولا حكاه هو عن أحد .. ولم يوافقه أحد على ذلك. وينظر فيه بقية كلامه على اختيار المصنف. (٧) في ص، ت ٢، ت ٣: "وأكثر من"، وفي م: "والأكثر من"، وفي ت ١: "فأكثر من".