وقال آخرون: بل معنى ذلك: أم هم الأربابُ؟ وممن قال ذلك معمرُ بنُ المثنى (١)، و (٢) يقالُ: تَسيطَرْتَ (٣) عليَّ. أي: اتَّخذْتَني خَوَلًا لك.
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: أم هم الجبَّارون المُتَسلِّطون المُستَكبرون على اللَّهِ؟ وذلك أن المسيطرَ في كلامِ العربِ الجبارُ المتسلِّطُ، ومنه قولُ اللَّهِ ﷿: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢]. يقولُ: لستَ عليهم بجبَّارٍ مُتسلِّطٍ (٤).
وقولُه: ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ﴾. يقولُ: أم لهم سُلَّمٌ يَرتَقون فيه إلى السماءِ، يستَمِعون عليه الوحيَ، فيدَّعون أنهم سَمِعوا هنالك من اللَّهِ أن الذي هم عليه حقٌّ، فهم لذلك مُتمسِّكون بما هم عليه؟
وقولُه: ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ: فإن كانوا يدَّعون ذلك، فليأتِ مَن يزعُمُ أنَّه استمَع ذلك فسمِعَه ﴿بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾، يعني الحجةَ (٥) يَبِينُ أنها حقٌّ، كما أتى محمدٌ بها على حقيقةِ قولِه، وصِدْقِه فيما جاءهم به من عندِ اللَّهِ.