بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ﴾. يقولُ: فَلَسْتَ بنعمةِ اللَّهِ عليك بكاهنٍ تتكهَّنُ عليه (١)، ولا مجنونٍ له رَئِيٌّ (٢) يخبرُ عنه قومَه ما أخبَره به، ولكِنَّك رسولُ اللَّهِ، واللَّهُ لا يخذُلُك، ولكِنَّه ينصرُك.
وقولُه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: بل يقولُ المُشرِكون لك يا محمدُ: هو شاعرٌ نتربَّصُ به حوادثَ الدَّهرِ تَكْفِيناه بموتٍ أو حادثةٍ مُتْلِفةٍ.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، وإن اخْتَلَفت عباراتُهم عنه؛ فقال بعضُهم فيه كالذي قُلنا، وقال بعضُهم: هو الموتُ.
ذكرُ مَن قال: عنَى بقولِه: ﴿رَيْبَ الْمَنُونِ﴾. حوادثَ الدَّهرِ
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿رَيْبَ الْمَنُونِ﴾. قال: حوادثَ الدهرِ (٣).
حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا مِهرانُ، عن سفيانَ، قال: قال مجاهدٌ: ﴿رَيْبَ الْمَنُونِ﴾: حوادثَ الدهرِ.
ذكرُ مَن قال: عنَى به الموتَ
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنا معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في الأصل: "دين". والرّئيُّ بفتح الراء وكسرها: الجنى يراه الإنسان. وقيل: جنى يتعرض للرجل يريه كهانة وطبًّا. ينظر اللسان (ر أ ى). (٣) تفسير مجاهد ص ٦٢٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٢٠ إلى ابن المنذر.