يستَقِيدوا (١) ممَّن أَحلَّ بهم العقوبةَ التي حلَّت بهم.
وكان قتادةُ يقولُ في تأويلِ ذلك ما حدَّثنا به بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ﴾. قال: ما كانت عندَهم من قُوَّةٍ يمتَنِعون بها من (٢) اللَّهِ ﷿(٣).
وقولُه: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾. اختَلَفَتِ القرَأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾؛ [فقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ المدينةِ وبعضُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾](٤) نصبًا (٥). ولنَصْبِ ذلك وجوهٌ؛ أحدُها: أن يكونَ "القومُ" عطفًا على الهاءِ والميمِ في قولِه: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾. إذ كان كلُّ عذابٍ مُهلكٍ تُسَمِّيه العربُ صاعقةً، فيكونَ معنى الكلامِ حينَئذٍ: فأخذَتهم الصاعقةُ، وأخذَت قومَ نوحٍ من قبلُ. والثاني: أن يكونَ منصوبًا بمعنى الكلامِ، إذ كان فيما مضَى من أخبار الأممِ قبلُ دلالةٌ على المرادِ من الكلامِ، وأن (٦) معناه: أهْلَكنا هذه الأممَ، وأهْلَكنا قومَ نوحٍ من قبلُ. والثالثُ أن يُضْمِرَ (٧) له فعلًا ناصبًا، فيكونَ معنى الكلامِ: واذكُر لهم (٨) قومَ نوحٍ، كما قال: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾ [العنكبوت: ١٦]. ونحوِ ذلك، بمعنى: أخْبِرْهم واذْكُر لهم. وقرَأ ذلك عامَّةُ
(١) في الأصل: "يستقيلوا"، وفي ص: "يستعيدوا" غير منقوطة، وفي ت ١: "يستعيذوا"، وفي ت ٢: "يستفيدوا"، وفي ت ٣: "يستعيدوا". (٢) بعده في ت ٣: "عذاب". (٣) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ٣٧٩. (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٥) هي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٦٠٩. (٦) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كان". (٧) في الأصل: "يصير". (٨) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له".