قال أبو جعفرٍ ﵀: وقولُه: ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾. وفي الكلامِ متروكٌ اكْتُفِي بدَلالةِ الظاهرِ عليه منه، وهو: فقَرَّبه إليهم، فأمسَكوا عن أكلِه، فقال: ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ﴾.
﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ [يقولُ: فأوجَس في نفسِه إبراهيمُ مِن ضَيْفِه خِيْفَةً](١) وأضمَرها، ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾. يعني: بإسحاقَ، وقال: ﴿عَلِيمٍ﴾. بمعنى عالمٍ إذا كَبِر.
وذكَر الفرَّاءُ (٢) أنَّ بعضَ المشيخةِ كان يقولُ: إذا كان العلمُ (٣) منتظَرًا قيل (٤): إنه لَعالِمٌ عن قليلٍ وفاقِهٌ (٥)، وفي السيدِ: سائِدٌ، والكريمِ: كارِمٌ. قال: والذي قال حسَنٌ. قال: وهذا أيضًا كلامٌ عربيٌّ حسَنٌ قد قاله اللَّهُ في: عليمٍ وحليمٍ (٦) وميِّتٍ (٧).
ورُوِي عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ ما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾. قال: إسماعيلَ (٨).
وإنما قلتُ: عُنِي به إسحاقُ؛ لأن البشارةَ كانت بالولدِ مِن سارةَ، وإسماعيلُ لهاجَرَ لا لسارةَ.
(١) سقط من: الأصل. (٢) معاني القرآن للفراء ٣/ ٨٦، ٨٧. (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "للعلم". (٤) في معاني القرآن: "لمن يوصف به قلت في العليم إذا لم يعلم". (٥) في م، ت ٢: "غاية". (٦) في م: "حكيم". (٧) في الأصل: "منيب". (٨) تفسير مجاهد ص ٦١٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.