ليس لهم بذلك علمٌ. قالوا: فما منَع هذا القرآنَ أن يَنْزِلَ باللسانِ الذي نزَلت به الكتبُ من قبلِك. فقال اللَّهُ: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾؟ لو جعَلنا هذا القرآنَ أعجميًّا لقلتم: نحن عربٌ. وهذا القرآنُ أعجميٌّ، فكيفَ يَجْتَمِعانِ (١).
وقولُه: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾. يقولُ: يُصْرَفُ عن الإيمانِ بهذا القرآنِ مَن صُرِف، ويُدْفَعُ عنه مَن يُدْفَعُ، فيُحْرَمُه.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾. قال ابنُ عمرٍو في حديثِه: يُوفَّى (٢)، أو يُؤفَنُ. أو كلمةً تُشْبِهُها. وقال الحارثُ: يُؤفَنُ. بغيرِ شكٍّ (٣).
حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾. قال: يُصْرَفُ عنه مَن صُرِف (٤).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ (٥). فالمأفوكُ عنه اليومَ، يعني كتابَ اللَّهِ (١).
(١) ينظر البحر المحيط ٨/ ١٣٤. (٢) في ت ١: "أوفى"، وفي ت ٣: "يوقى". (٣) تفسير مجاهد ص ٦١٧، وذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ٣٣، وابن كثير في تفسيره ٧/ ٣٩٣. (٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٤٣ عن معمر عن الحسن، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١٢ إلى ابن المنذر. (٥) بعده في ت ٢، ت ٣: "قال: يصرف عنه من صرف".